الاثنين، 10 ديسمبر 2012

ماذا فعل أبا حسين في الاقتصاد الأمريكي؟


هل كانت إعادة انتخاب أوباما لفترة رئاسية ثانية متوقع؟ مالذي ساهم في ترجيح كفة أوباما ضد منافسه الجمهوري؟ ما هي هذه الأرقام التي ساهمت في انتخاب أوباما لفترة ثانية؟ و هل تكذب الأرقام؟
دعونا نراجع بعض المؤشرات الاقتصادية للولايات المتحدة عندما أستلم أوباما الرئاسة مطلع 2009 ومقارنتها بما وصلت إليه بعد 4 سنوات قبيل انتخابات 2012.

استلم أوباما البلاد وهي في وضع لا تحسد عليه فقد كانت تعاني من تبعات الدخول في حربين مباشرتين بين العراق وأفغانستان، وعصفت الأزمة الاقتصادية برياحها وانهارت أعرق الشركات الأمريكية أمثال بنك "ليمن برذرز" وشركة السيارات "جنرال موتورز" وخسرت  أمريكا 4 مليون وظيفة في أول سنة من تولي أوباما للرئاسة!  ولمعرفة ضخامة هذا الرقم، فجميع السعوديين العاملين في القطاع الخاص يبلغ عددهم حوالي  900,000 فقط. سيطر  أوباما على هذا النزيف بشكل مذهل و قلب الوضع رأساً على عقب وأصبح الاقتصاد يضيف من 100,000 إلى 200,000 وظيفة شهرياً.

استلم أوباما دفة القيادة ونسبة البطالة 7.8% وأنهى الأربع سنوات وهي عند نفس المستوى. كيف لنا أن نهمل هذا الرقم إذا ما علمنا أن عدد الموظفين الجدد الذين يدخلون سوق العمل الأمريكي يزيد عن 100,000 شهرياً، مما يعني أن توفير 100,000 وظيفة شهرياً لن يقلل من نسبة البطالة وإنما سيحافظ على النسبة من الارتفاع و لكي نثبت هذا النجاح فلا بد لنا من وضع وضع الاقتصاد العالمي في الاعتبار ففي نفس الفترة ارتفعت نسبة البطالة في إسبانيا من 16.7% إلى 24% وفي إيطاليا من 7.5% إلى 9.1% و في فرنسا من 8.9% إلى 10% وفي بريطانيا من 7% إلى 8.3%.

تعافي سوق العقار من الملفات التي واجه أوباما صعوبة شديدة في حلها. فمتوسط سعر الوحدة العقارية كان 175,000$ في مطلع 2009 ولكنه استمر في الهبوط ولم يعد للارتفاع إلا في آخر ثلاث أشهر من انتهاء فترته الرئاسية. ملف العقار مازال مأساة حقيقة حيث أن 3 مليون أمريكي خسروا منازلهم لتعثرهم في سداد أقساطهم للبنوك خلال الأربع سنوات التي شكلت فتره رئاسة أوباما الأولى. ولكن في المقابل شهد سوق الأسهم الأمريكي صحوة حقيقة أنعشت الدورة الاقتصادية فمؤشر(
S&P 500) الذي يضم أكبر الشركات التي تمثل الاقتصاد الأمريكي ارتفع من 931 نقطة وهو المستوى الذي كان عليه عند بداية رئاسة أوباما إلى 1414 نقطة قبل الانتخابات الثانية.
هذه الأرقام أثرت بشكل مباشر على مؤشر ثقة المستهلك الذي كان قد سجل إنخفاض بمقدار 1.7% في أول 6 أشهر من تولي أوباما ولكنه ارتفع بعدها ولم يهبط حتى وقت كتابة هذا المقال. كما أن معدلات التضخم استمرت في حدود 2% وهو شي جيد إذا ما قارناه بالتضخم في منطقة اليورو والذي بلغ 2.5% أو السعودية والبرازيل والذي تجاوز 5% أو الهند الذي قارب من 10%.

قد يؤخذ على أوباما إرتفاع عجز الموازنة وارتفاع الدين العام لمستوى تاريخي. فالدين العام ارتفع من 10.7$ تريليون إلى 16$ تريليون وهي نتيجة طبيعية لسياسة أوباما التي استمرت في الإنفاق لإنعاش وتحفيز الاقتصاد. فالإنفاق الحكومي استمر بمعدل 3.5$ تريليون سنوياً مما تسبب بشكل مباشر في عجز للموازنة بأكثر من 1.3$ تريليون سنوياً. كما أن الدين العام والبالغ 16$ تريليون يظل مصدر قلق يجب السيطرة عليه فالعمولات التي تدفعها أمريكا على هذا الدين تبلغ 450$ مليار سنوياً!! و على الرغم من ضخامة الرقم فإنه لا يمثل سوى 3% من الناتج المحلي السنوي. يجدر بالذكر بأن الاقتصاد الأمريكي مازال الأقوى الأكبر عالميا بحجم 15.7$ تريليون في السنة وبفرق كبير عن الصين التي تأتي في المركز الثاني بحجم 8.3$ تريليون واليابان التي تأتي في المركز الثالث بحجم 6$ تريليون ولكن معدلات النمو في الصين تشكل تهديد حقيقي في الخمس السنوات القادمة.
أرقام كبيرة دون أدنى شك ولكن المواطن الأمريكي استفاد كثيراً من ذلك حيث تم خفض الضرائب وزيادة فوائد برامج مساعدة العاطلين ودعم المشاريع الحكومية لاستيعاب موظفين جدد وتطوير قطاع الصحة وزيادة ميزانية الدفاع.

أوباما هو رجل المرحلة وكل شيء في أمريكا يتمركز حول الاقتصاد ورغم الأداء المتوسط في فترته الأولى إستطاع أوباما إيصال صوته من خلال هذه الأرقام التي لا تكذب والتي خولته لجمع أصوات الناخبين للمرة الثانية.

الوضع الاقتصادي المحلي والخارجي صعب والآن أوباما يقف أمام الكونجرس (الذي يسيطر عليه الجمهوريين) في اختبار حقيقي لتجديد قوانين الإعفاءات الضريبية التي أقرت في عهد بوش الابن وقام أوباما بتجديدها خلال فترته الأولى، ولكنه الآن يريد تخفيض الضريبة على الشريحة المتوسطة ورفعها على أصحاب الدخل العالي بشكل أكبر.
هناك تخوف حقيقي من حصول انهيار مالي "
Fiscal Cliff" في أمريكا وذلك في حال تعثر الوصول لاتفاق بين أوباما والكونجرس ولكن الاجتماعات تشير لقرب الوصول لاتفاق مقنع للطرفين.

رغم وعورة الطريق وصعوبة المرحلة إلا أن الحلول متاحة لمن يريد تطبيقها من الديمقراطين أو الجمهورين و إذا أرادت أمريكا المحافظة على صدارتها الاقتصادية فعليها العمل بجد والسير على نفس النهج في الإصلاحات والإنتاج والتركيز على الصناعات التي تجيدها مثل صناعة السلاح الخفيف والثقيل والتكنولوجيا  والخدمات والسياحة والترفيه والقطاع المالي والزراعة والتعدين.
هل سيستطيع أوباما تحقيق ذلك دون أن تتخلى أمريكا عن بعض الرفاهية؟ الجواب بالتأكيد ستتم الإجابة عليهم في الأربع سنوات القادمة ....


بقلم: فارس هاني التركي 

رابط المقال في جريدة الاقتصادية: 

الثلاثاء، 2 أكتوبر 2012

العقار يمرض وقد يموت


يتداول العقاريين والمستثمرين مقولة (العقار يمرض ولا يموت) مقتنعين أن العقار الذي لا يأكل ولا يشرب ما هو إلا حاضنة لأموالهم، تتضاعف قيمتها مع الزمن وفي أسوأ الأحوال ستحافظ على قيمتها ولكنها لا تنخفض ولا تنهار.
ولكن لنتأكد إن كانت هذه المقولة ستبقى تحمل معناها للأبد، لابد لنا من معرفة أسباب انهيار سوق العقار في أمريكا وبعض دول أوروبا، وهل نحن نسير في نفس الطريق أم لا، ولنشرح ما حصل هناك بشكل علمي وواقعي متسلسل:
كانت الأمور تسير بشكل طبيعي وسلس جداً، وأطراف اللعبة كانوا ثلاثة: "صاحب العقار" الذي يريد بيع عقاره، و "المشتري" الراغب في شراء العقار، و "البنك" الذي سوف يمول عملية الشراء.
استمرت العجلة في الدوران، وحقق كل منهم هدفه، ولكن الرغبة في الربح بشكل أكبر دفع الجميع للتوسع والرغبة في الاستفادة بأقصى درجة، فتضخمت الثلاث المهلكات على أي اقتصاد (الجشع، الاستغلال، سوء الإدارة).
1. جشع البنوك دفعها لإقراض شرائح من العملاء لا يملكون الملاءة المالية الكافية على تحمل الأقساط وذلك رغبة منهم في الحصول على أكبر ربح ممكن متساهلين مع المخاطر المحتملة.
2. سوء إدارة العملاء (راغبي التملك) لميزانياتهم، دفعهم لشراء عقارات لا تتماشى مع قدرتهم الحقيقية على السداد.
3. استغلال المضاربين وشركات التأمين للوضع، ودخولهم بشكل احترافي عالي جداً في اللعبة، وطرحهم منتجات استثماريه معقدة مبنية على القروض العقارية.
عندما أرادت البنوك المزيد من الأموال لكي تتمكن من إقراض المزيد من العملاء وعندما بدأت تظهر بوادر احتمالية عدم قدرة العملاء على السداد، قامت ببيع هذه القروض العقارية بنسب أقل على شركات أخرى للتخلص منها والحصول على السيولة الفورية، لتمويل المزيد من هذه العمليات.
كمثال: أنت عميل مقترض من بنك A لشراء منزل بمبلغ ,000200$ دولار وبنسبة ربح 5% و تقوم بالسداد له بانتظام نهاية كل شهر. ولكن في الكواليس بنك A قام ببيع هذا القرض للشركة الاستثمارية B بسعر 3%. فعندما تقوم أنت بالسداد للبنك A فإن المبلغ في الحقيقة يذهب مباشرة للشركة الاستثمارية B.
هذه الشركات الاستثمارية قامت بإعادة صياغة هذه القروض وبيعها على شكل منتجات "استثمارية" بعوائد عالية في الربح. وبالتأكيد أن المشتري لهذه المنتجات الاستثمارية يعلم أنها تحتوي على مستوى من الخطورة ولكنه يقدم على شرائها وذلك لأنها مدعومة بعقارات (أي أصول) في أسوء حالاتها "تمرض ولكنها لا تموت".
ولإعطاء العملية ثقة أكبر قامت هذه الشركات بالتأمين على هذه القروض لدى أكبر شركات التأمين في العالم، بحيث لو تعثر العملاء عن السداد، تقوم شركات التأمين بسداد قيمة المتبقي من القرض كاملاً.
وعلى هذا الحال، استمرت العجلة في الدوران في غاية الإتقان. وهي عبارة عن قروض تباع والعملاء يسددون والعقار مرهون للبنك و فوق ذلك (القرض) مؤمن من شركات التأمين التي سوف تقوم بالسداد في حال التعثر.
عاشت أمريكا والغرب أجمل سنوات الرخاء بهذا النموذج، البنوك تربح والعملاء يشترون المنازل الفاخرة وشركات الاستثمار تربح المال وتوزعه على عملائها وذلك طالما مستثمر العقار يدفع الأقساط آخر الشهر فهذا الأخير هو وقود العملية وأهم عنصر لاستمرار العجلة في الدوران.
في تلك الأثناء كانت هنالك فقاعه تتكون ولا أحد توقع حدوثها وأنها سوف تنفجر في لحظة، فالنموذج يعمل بكل إتقان ولا يتجرأ أحد أن يشكك فيها، فانهياره ربما يعني انهيار النظام الاقتصادي كاملاً.
ولكن (الجشع، الاستغلال، وسوء إدارة المشترين) عجل في الانهيار، فالبنوك أصبحت تقرض حتى من توقعت تعثره وأقرضت غير القادر على السداد ومن لا يملكون حتى الدفعة الأولى، كما أقرضت المتعثرين لدى بنوك أخرى، واستمرت تقرضهم و "تقرض" الاقتصاد تدريجيا كالفأر.
وفجأة توقفت العجلة عن الدوران، حينما أعلن كثيرٌ من المشترين بكل صراحة، أننا لا نستطيع دفع أقساط هذه القروض للبنوك، فالقسط فوق طاقتي والأرباح عالية والمنزل في الأساس كبير وفوق احتياجي وأنا بالكاد أسدد التزامات الحياة من مأكل ومشرب وعلاج وتعليم. وقام بإرجاع مفتاح المنزل للبنك!.
وحصل الانفجار العظيم ،،، وذلك بازدياد عدد المتعثرين الذين أعادوا مفاتيح منازلهم للبنوك، والبنوك لا تريد العقارات بل المال، فقامت البنوك مباشرة بإخلاء العقارات المتعثرة وبيعها بأقل من قيمتها الدفترية بكثير (نظرا لعدم وجود مشترين) للحصول على النقد. واستمرت أسعار العقارات في الانهيار مما قاد سوق العقارات لحالة الموت الإكلينيكي.
ولكن لا ننسى أن هذه العقارات مؤمنه كما أسلفنا سابقاً فالبنوك وضعت في اعتبارها هذا الاحتمال. وما حصل أن شركات التأمين قامت بتعويض البنوك عن الخسائر الناتجة عن فرق السعر عندما باعت العقارات بخسارة.
ولكن المفاجأة التي لم تكن في الحسبان هي أن الموضوع تأزم وتفجر بشكل كبير جداً وبسرعة خارقة بحيث أن شركات التأمين العملاقة لم تعد قادرة على تعويض البنوك وسرعان ما أعلنت إفلاسها هي أيضا.
وحتى تتضح الصورة أكثر، ماذا يعني أن تفلس شركات التأمين؟
إفلاسها يعني انهيارها وانهيار البنوك وانهيار شركات الاستثمار وربما انهيار الاقتصاد العالمي بشكله القائم. وأكبر دليل على ذلك هو إنهيار بنك "ليمان برذرز" Lehman Brothers العملاق و إعلان إفلاسه، في وقت كانت أصوله تبلغ 691 مليار دولار. ومن بعده إنهار "واشنطن ميوتول"Washington Mutual والذي تجاوز عدد موظفيه يومها 42,000 موظف، ثم كادت أن تلحق بهما أكبر شركة تأمين في العالم "المجموعة الدولية الأمريكية" AIG والتي لديها أكثر من 100,000 موظف، لولا تدخل الحكومة الأمريكية في سبتمبر 2008 وضخ قرابة 150 مليار دولار للسيطرة على الشركة وتعيين رئيس تنفيذي ورئيس لمجلس الإدارة جديدين.
بكل تأكيد سارعت الحكومة الأمريكية بالتدخل المباشر وضخ الأموال بنفسها لإنقاذ ما يمكن إنقاذه. وبناهية عام 2008 كان الكونجرس الأمريكي قد وافق على ضخ ما يقارب من 5.6 تريليون دولار لإنقاذ البلد.
العواقب كانت وخيمة على أكبر اقتصاد في العالم، وخلال أقل من سنتين خسر الأمريكيين أكثر من ربع ثرواتهم، وانخفضت مؤشرات الأسهم بأكثر من 45%، وانخفضت أسعار العقار في العديد من المدن بنسبة 35% وصناديق التقاعد انخفضت قيمتها بأكثر من 20%، ومازالت أمريكا تعاني ليومنا هذا من تبعات الأزمة حيث تجاوز الدين العام حاجز 16 تريليون دولار لأول مره في تاريخ الدولة، و نسبة البطالة قاربت من 9%.
بدون شك أن الاقتصاد الأمريكي هو الأكبر في العالم، ولكن التعافي لن يكون بالأمر السهل، خصوصا أن معظم اقتصادات العالم مرتبطة بشكل مباشر بالاقتصاد الأمريكي ولا ننسى أن الصين واليابان ودول الخليج والاتحاد الأوروبي هم أكبر الدائنين لأمريكا، فمصلحتهم تكمن في تعافي الاقتصاد الأميركي لكي يمتلك القدرة على السداد والوفاء بهذه الديون. وبالأخص الصين، فالسوق الأمريكي هو أكبر سوق مستهلك لمنتجاتها، فيهمها بالتأكيد تعافي هذا الزبون المهم.
ما يهمنا، هو ما هي عواقب حصول الأمر نفسه في بلدنا؟
كارثة كهذه وبهذا الحجم ربما لن نتعافى منها لو حصلت لدينا. لذلك ونحن مقبلين على مرحلة جديدة في سوق العقار السعودي، خاصة بعد إقرار نظام الرهن العقاري وتوجه الدولة في هذا المجال، يجب أخذ أكبر درجات الحيطة والحذر من البداية وحماية المواطنين مما هم مقبلين عليه. فحماية ثروات المواطنين وممتلكاتهم يجب أن توضع فوق كل اعتبار، خاصة وأن حجم التمويل العقاري في السعودية اليوم لا يتجاوز 11.5 (مليار دولار) وذلك مقارنه بأكثر من 11.3 (تريليون دولار) في أمريكا عام 2008.
بعد سرد المثال الأمريكي وتوضيح ما آلت إلية الأمور، اتضح أن (العقار يمرض وقد يموت) لذلك دعونا نذكر أهم النقاط والتي يجب أن نقوم بتطبيقها لتجنب حدوث كارثة مشابه لدينا.
1. التأكد من تطبيق سياسة الإقراض النقدي بشكل صارم وبدون تساهل.
مؤسسة النقد السعودي تلعب دور أساسي في هذا الموضوع وهي من أكثر البنوك المركزية في العالم صرامة وحزماً في تطبيق السياسات والإجراءات. ويجب أن يظل الوضع كما هو عليه وأن يظل للبنك المركزي اليد العليا.
2. عدم الإقراض المفرط وغير المسؤول، وعدم التهاون في نسبة الاستقطاع
البنوك تريد أن تقرض وتمول بدون توقف والعميل يريد أن يقترض ويستدين بدون تفكير في المستقبل وفي مقدرته على السداد. لذلك يجب أن يتم ذلك بالطريقة العلمية والمالية السليمة والتي تضمن للجميع حقوقه. كما يجب عدم التهاون في نسبة الاستقطاع ورفعها بشكل مبالغ فيه، وأن لا ينقاد المقترض خلف "منزل الأحلام" فالمقترض يعيش على أرض الواقع ولديه التزامات أخرى مثل أقساط السيارة وفواتير الاتصالات ومصاريف المأكل والمشرب وغيرها الكثير.
3. عدم التساهل في الدفعة الأولى.
الدفعة الأولى من أهم ضمانات التمويل العقاري، وهي إثبات مهم لملاءة العميل المالية وجديته للاستمرار في التمويل، وفيها ضمان للبنك وحماية عند تعثر العميل.
4. مشاكل التقييم والتثمين العقاري
البنك حريص جداً بأن لا يقوم بشراء عقار مبالغ في سعره لأنه سوف يتحمل فرق أي خسارة عنده بيعه في حال لم يتمكن العميل من مواصلة السداد. لذلك نجد البنوك حريصة جداً على تقييم العقار بالشكل الصحيح. ولكن ما يزال نظام وطريقة التقييم وإدارتها لا تدار بشكل احترافي في السعودية مما يستوجب تنظيمها بطريقة أكثر رسمية.
5. السجل الائتماني
يجب أن يتم الاستمرار في ربط منح التمويل بالسجل الائتماني للعميل. ولا ينبغي المخاطرة مع عملاء واضح من سجلهم الائتماني التعثر المستمر وعدم القدرة على السداد.
بالتأكيد نظام الرهن العقاري سوف يساهم في زيادة الإقراض، فالبنوك سوف تكون أكثر إقداماً على التمويل لأن وجود نظام وقانون هو الأساس في حماية الحقوق وتقليل المخاطر و نظام الرهن العقاري يعتبر خطوة مهمة في تنظيم المسألة وهو اللبنة الأساسية لحل أزمة الإسكان في السعودية ولكن يجب أن تتبعه خطوات أخرى لا تقل أهمية عن هذا القانون. فالرهن العقاري سوف يزيد من السيولة و سوف يؤهل شريحة أكبر من المواطنين لتملك مسكن. وسوف يوفر سيولة أكبر للمطورين العقاريين لبناء المزيد من الوحدات، ولكن في المقابل لن يحد من إرتفاع الأسعار وربما يزيدها بسبب الارتفاع المتوقع على الطلب.
فمشاكل الارتفاع في أسعار العقار بحاجة لحلول إضافية أخرى مثل: 1. فرض الزكاة على الأراضي البيضاء، 2. تحديد نسبة التملك، 3. الاستمرار في عرض وتأهيل المزيد من المخططات، 4. السماح بأنظمة البناء الحديثة والأقل تكلفة، 5. المزيد من مشاريع الإسكان.
وجود النموذج الأمريكي أمامنا و اكتمال دورته الاقتصادية هو درس مجاني يجب أن تستفيد منه بشكل إيجابي وأن نتعلم منه ونطوره بما يتلاءم مع أنظمتنا، لأن تكرار التجربة بدون تفادي الأغلاط سوف يكون مكلف جداً ولنتذكر أن سوق العقار السعودي ناشئ ولدية العديد من المميزات و لكن يجب أن تستغل بالشكل الصحيح لضمان نجاح المشروع العقاري وتوفير حياة كريمة للمواطن.

بقلم: فارس هاني التركي

رابط المقال في جريدة الاقتصادية:

الخميس، 23 أغسطس 2012

أرسنال ،، سنوات الضياع أم سنوات البناء؟



في هذا التقرير أود الحديث عن نادي الأرسنال و ذلك لكثرة الاختلاف عليه مؤخراً بسبب سياسته التي لم يعتاد عليها الجهور و بالتأكيد لغيابه عن البطولات في الفترة الأخيرة. وآيضاً بحكم تشجيعي للفريق و لكوني أحد أعضاء AST مجموعة أرسنال الملاك (Arsenal Supports Trust).



من متابعتي لهذا الموضوع لاحظت أن الحديث فيه غالباً ما يفتقر للأرقام والحقائق ويعتمد على العاطفة الجياشة مع بعض المعلومات الغير مكتملة، فأحببت أن أشارك بطرح مفصل مدعوم بالحقائق و الأرقام وبعض المعلومات الغير متداولة في الإعلام بشكل واضح.


الموضوع هنا معقد أكثر لعدة أسباب منها:
1. سياسة ونهج النادي التي تعتمد على أصالة كرة القدم من إهتام بالنشأ و تطويره، إلى جمالية اللعبة وطريقة لعبها، إلى المنافسة على أكبر الألقاب وتحقيقها.
2. طول المشروع وصعوبة الصبر عند الإنسان بشكل عام وعند مشجعي كرة القدم بشكل خاص.
3. عراقة النادي وتمسكه بقيم ومبادئ نادراً ما تجدها في الأندية الأخرى.
4. مدرب الفريق الذي نتكلم عنه هو آرسن فنجر، صانع أمجاد ونهضة أرسنال الحديثة.
5. ندرة المشروع وأهدافه السامية والتي لا تقتصر على الكرة داخل الملعب.
6. تطور الرياضة وكرة القدم في السنوات الأخيرة بشكل كبير وسريع جداً، من جميع النواحي: الاقتصادية والمالية والصحية والاجتماعية والسياسية.

لتسهيل الموضوع سوف أقوم بالحديث عنه في محاور وهذه المحاور هي التي تشكل المعضلة الكبرى للجمهور وهي المسبب الرئيسي لسوء الفهم الحاصل. سأحاول وضع أي تفرعات تحت أحد هذه المحاور الرئيسية.

يجب في البداية توضيح الخطوط العريضة و الأساسية المتمثلة في قيم و سياسة النادي فبدونها سوف يصعب علينا فهم الموضوع أو تفسير كثير من الأحداث والقرارات.

# قيم و سياسة النادي
قيم مجلس الإدارة واضحة ولم تتغير:
1. ضمان استمرار نجاح النادي بنموذج التشغيل الذاتي وهو أضمن لنجاح النادي على المدى الطويل
2.   الدعم و التمويل للنجاح داخل الملعب
3.   إثراء تجربة مشجعي ومحبي النادي

أرسنال مثل أي مؤسسة في العالم لها أهدافها و لها طريقتها الخاصة التي تتميز بها في تحقيق هذه الأهداف.
أهداف أرسنال الرئيسية: تتمثل بكل وضوح في المنافسة على أقوى البطولات وتحقيها و تحقيق عوائد مالية مجزية للمساهمين.
طريقة أرسنال في تحقيق هذه الأهداف: تطوير المواهب والاستثمار في اللاعبين الجدد بذكاء و إيجاد موارد ماليه للنادي تساعده على التشغيل الذاتي.

أرسنال كأي نادي حديث فهو شركة مساهمة تسعى لإرضاء العملاء (الجمهور في هذه الحالة) فهم مصدر الدخل الأساسي بشراء التذاكر ومنتجات النادي و الاشتراك في القنوات الناقلة. وفي نفس الوقت إرضاء الملاك (المساهمين في هذه الحالة) فهم يبحثون عن عوائد مالية مجزية مقابل وضع أموالهم في النادي.
يتضح من هذه المقدمة أن ما يجري في الأرسنال ليس نتاج قرارات ارتجالية أو عناد مدرب و إنما سياسة أصيلة ناتجة عن قيم و مبادئ تعهد بتطبيقها كل فرد من أفراد النادي.



# ملكية النادي
أكبر ملاك أرسنال هو الأمريكي ستان كرونكي والذي يملك 66% من أسهم النادي وتقدر ثروته بحاولي 3.2$ مليار دولار وهو شخصية رياضية من الطراز الأول وله عده أندية أمريكية في جميع الألعاب الجماعية تقريباً وهي:
  • Denver Nuggets والذي يلعب في دوري السلة للمحترفين NBA
  • Colorado Rapids والذي يلعب في الدوري الأمريكي لكرة القدم MLS 
  • Colorado Avalanche والذي يلعب في الدوري الوطني للهوكي NHL 
  • Colorado Mammoth والذي يلعب في الرابطة الوطنية لاكروس NLL 
  • St. Louis Rams والذي يلعب في دوري كرة القدم الأمريكية NFL 
و زوجة كرونكي، السيدة Ann Walton هي ابنة مؤسس سلسلة المحلات التجارية العملاقة Wal-Mart مما يوضح أن العائلة لها باع كبير في الإدارة والقيادة وتعرف طريق النجاح وخوض التحديات الكبيرة.
هذا بالإضافة إلى أن أرسنال يمثل تقريباً نصف ثروته السيد ستان كرونكي فبالتالي هو حريص أكثر من أي شخص على نجاح النادي في كل النواحي والتي من أهمها إرضاء العملاء (الجمهور في التعريف الرياضي) وتحقيق ما يرغبوا فيه وهو البطولات بكل تأكيد.

ولم يستطيع ستان كرونكي شراء حصته في الأرسنال إلى بعد أن تعهد بالسير على نفس نهج و إستراتيجية النادي التي تشكلت خلال مسيرته وتاريخه العريق.
حصل ذلك عندما أشترى 24% من أسهم النادي والذي يمتلكها السيد/ داني فيزمان رئيس النادي السابق والمساهم الأكبر في خطة بناء أشبرتون جروف Ashburton Grove والذي عرف لاحقاً بملعب الإمارات.

وحصل ذلك التعهد أيضاً في أبريل 2011 عندما أشترى 16% من أسهم النادي والتي تملكها ليدي/ نينا براسويل-سميث والتي كانت آخر ممثل لأحفاد مؤسسي أرسنال والذي تأسس عام 1886م.

بالنسبة لثاني مالك للنادي فهو الروسي ألشاير أوسمانوف بنسبة 29% ورغم ذلك فإنه لم يستطع دخول مجلس الإدارة لرفض المجلس توجهه و أفكاره التي صرح بها في العديد من المناسبات.
أوسمانوف يحتل المركز 28 في قائمة أغنياء العالم بثروة تقدر بحوالي 18.1$ مليار دولار جناها من الإستثمار والتعدين وتجارة الخشب. خبرته في مجال الرياضة تكاد تكون معدومة وكل اقتراحاته ورسائله للنادي لم تحتوي على أي أفكار جديدة مفيدة سوى طلباته المتكررة لصرف وإنفاق المزيد من الأموال!
أيضاً هناك نقطة مهمة تدعو للقلق هي كون أكبر شركائه هو الإيراني فرحات مشيري والمشهور بتشجيعه و تعصبه لمانشستر يونايتد.

واضح من خلال المقدمة البسيطة الفرق بين الأمريكي ستان كرونكي و الروسي ألشاير أوسمانوف. فالأول ملتزم بالسياسة والمدرسة التي ينتهجها النادي عبر تاريخه ، أما الثاني فيريد تحويل أرسنال بشكل كامل تماماً وخلق صورة أخرى من نموذج مانشستر سيتي!

لا ننكر أن جماهير مانشستر سيتي سعيدة وحققت الدوري بعد غياب لأكثر من 40 عام وهم قادرين أيضاً على تحقيق بطولة أوروبا ولكن الخطورة عالية جداً في هذا النموذج فالفريق سينهار تماماً في حال قرر صاحب المليارات الانسحاب (وهناك أمثلة عديدة خارجياً ومحلياً على ذلك) فلن يجد النادي من يشتريه ولن يجد النادي مجرد من يدفع رواتب اللاعبين الخرافية. ومن ناحية أخرى هناك خطر الاستبعاد من المشاركة في بطولة أوروبا في حال لم يحقق النادي مداخيل توازي هذه الصرفيات مما يعتبر مخالفه لا مجال للتواري أماهم عند تطبيق قوانين الاتحاد الأوروبي الجديدة والخاصة بالتنافس الشريف وسلامة المداخيل المالية.

* تجد هنا شرح مفصل عن سياسة الاتحاد الأروبي الخاصة بهذا الموضوع والمسماة باللعب المالي العادل:

دعونا الآن ننتقل للحديث عن مدرب النادي الشهير السيد آرسن فنجر.


# هل آرسن فنجر مدرب عادي؟
لكي نحكم على أي مدرب أو أي شخص بالنجاح أو الفشل فلا بد في البداية أن نحدد المقاييس والمعايير التي سوف نحكم عليه من خلالها.
بالنسبة لقياس نجاح أي مدرب في عالم كرة القدم الحديثة، فهناك ٣ معايير رئيسية: ١تحقيق البطولات والألقاب والانجازات والأرقام القياسية ٢. القدرة على تحقيق أرباح مالية للنادي ٣. إكتشاف وتطوير المواهب وحسن إستغلالها.
ماذا حقق آرسن فنجر على صعيد هذه المعايير الثلاثة؟

على صعيد الألقاب والإنجازات:
- حقق لقب الدوري الإنجليزي ٣ مرات
حقق كأس إنجلترا ٤ مرات
حقق الدرع الخيرية ٤ مرات
- أفضل مدرب في الدوري الإنجليزي لمدة ٣ مواسم
- مدرب الشهر في الدوري الانجليزي لمدة ١٢ مره
أفضل مدرب في العالم في العقد الأخير ٢٠٠١-٢٠١٠
- المدرب الوحيد الذي حقق الدوري الإنجليزي بدون أي هزيمة

على صعيد الأرباح والأمور المالية:
١لا يوجد مدرب في العالم حقق مع نادية نجاحات مالية مثل ما حققه آرسن فنجر مع الأرسنال والأهم من ذلك هو مقدرة المدرب في المنافسة على البطولات وتقليل المصاريف لدعم مشروع الملعب الجديد وهو ما حصل بالفعل ببناء ملعب الإمارات والإنتقال إليه عام ٢٠٠٦. خطوة جعلت الأرسنال فعلياً في مصاف الأندية العالمية وقامت بشكل مباشر بمضاعفة دخل النادي حيث أن الطاقة الإستيعابة للمعلب الجديد تمثل تقريباً ضعف ملعب الهايبري. خطوة لم يقدر عليها فريق أكثر عراقة مثل ليفربول أو حتى فريق حديث وغني مثل تشلسي! 

٢- أرسنال اليوم يعتبر مثال يحتذى به من قبل جميع منظمات كرة القدم، لدرجة أن الإتحاد الدولي (FIFA) والإتحاد الأوروبي (UEFA) دائماً ما يضربوا بأرسنال المثل ويطالبون الأندية الأخرى بالإحتداء به من ناحية إحترام أساسيات كرة القدم والتنافش الشريف وسلامة المداخيل المالية.
٣- النادي بقيادة آرسن فنجر وصل لمرحلة التشغيل الذاتي، فالنادي يحقق أرباح عالية جداً وبإستطاعته تسيير أمورة بدون معونات من الملاك أو دعم من أعضاء الشرف. 
٤أرسنال يعتبر اليوم حسب تقييم مؤسسة فوربس المالية ثالث أغنى نادي في العالم بقيمة ١.٢ مليار دولار، متجاوزاً فرق عريقة كبرشلونة الأسباني و بايرن ميونخ الألماني و اي سي ميلان الإيطالي!

على صعيد إكتشاف المواهب وتطويرها:
لن أطيل في هذه النقطة فأنا لم أجد أثنين قد أختلفوا على أن آرسن فنجر هو أفضل مدرب في العالم في إكتشاف المواهب وصناعة النجوم. المجال يضيق ولكن مواهب كروية كثيرة أنشهرت مع آرسن فنجر لم يكن أحد يعلم عنها من قبل أن يحتضنها وينميها ويعطيها الفرصة، وهي ليست من محض الصدفة في لاعب أو لاعبين بل هي قائمة طويلة وكل موسم جديد يبهر العالم ويسعد عشاق الكرة بمواهب تضيف للعبة كرة القدم الكثير. ليس مشجعي أرسنال فقط و إنما كل مشجع محب لكرة القدم إستمتع بتييري هنري، و باترك فييرا، و نيكولاس أنيلكا، و إمانويل بيتيت، و مارك أوفرمارس، و فريدرك لومبيرج، و نوانكو كانو، و سلفينيو، و روبيرت بيريز، و سيلفان ولتورد، و سول كامبل، و جلبيرتو سيلفا، و جينز ليمان، و سيسك فابريجاس. 
لم يقف آرسن فنجر عند صناعة هذا الجيل وإنما في المواسم الأخيرة رأينا البلجيكي فيرمالين و الفرنسيان كوشيليني وسانيا و الانجليزيان تشمبرلين و والكوت و الكاميروني سونج و الحارس البولندي شيزني و الطاحونة الهولندية فان بيرسي.
ليس هذا فقط وإنما الجميع ينتظر أن يتم تصعيد الموهوب الياباني ريوي مياتشي والكوستاريكي جويل كامبل للفريق الأول!
بحق مدرب أضاف لمتعة كرة القدم الشي الكثير.

بعد سرد إنجازات آرسن فنجر على جميع الأصعدة، أترك لك عزيزي القاريء الحكم عليه وهل يعتبر أسطورة تدريبية أم لا؟


#  ٧ سنين عجاف!
الكثير ينتقد على أرسنال ومدربة الغياب عن البطولات لمدة ٧ سنوات كاملة، وهذا من حق أي مشجع فالبطولات من أهم الأشياء في عالم كرة القدم، فالبطولات هي مايسعد الجماهير ويفرحها، ولكن …
ولكن دعونا نناقش المسألة من ناحيتينالأولىماهو وضع الفريق خلال هذه السنوات السبع؟ هل أبتعد تماماً وهبط لمصاف أندية الوسط والمؤخرة؟ أم مازال ينافس وتطور بشكل ملموس؟
الناحية الثانيةهل الغياب ٧ سنوات يعتبر مدة طويلة في عالم كرة القدم؟

خلال هذه السنوات السبع نافس أرسنال وبقوة على صعيد جميع البطولات تقريباً و وصل إلى نهائيين. 
هذه تافصيل المراكز الجيدة والتي حققها أرسنال خلال هذه المدة:

الدوريالمركز الثاني مره واحده، المركز الثالث ٣ مرات، المركز الرابع ٣ مرات.
كأس إنجلترا: نصف النهائي مره واحده، وربع النهائي مره واحده.
بطولة الأندية المحترفة (الكارلنج كب): النهائي مرتين عام ٢٠٠٧ و عام ٢٠١٠.
بطولة أبطال أوروبا: النهائي عام ٢٠٠٦، نصف النهائي مره واحده، ربع النهائي مرتين

أما بالنسبة للغياب لمدة ٧ سنوات فهو أمر طبيعي في كرة القدم وبناء الفريق بشكل سليم يستغرق أكثر من هذه الفترة في بعض الحالات.
فكمثال على لذلك: غاب برشلونة عن البطولات لمدة ٦ سنوات (١٩٩٩-٢٠٠٥) قبل أن يكتسح عالم كرة القدم من جديد و بدون رحمة. 
وكذلك غاب مانشستر يونايتد عن البطولات لمدة تزد عن ٣٧ عام (١٩١١-١٩٤٨) في واحده من أكبر الغيابات في عالم كرة القدم!


# سياسة شراء اللعبين
إذا كنت لا تتابع إلا الصحف اليومية فبالتأكيد أن نظرتك لأرسنال وآرسن فنجر هي أنهم لا يقومون بشراء اللاعبين وأن هذا النادي لا يصرف أي مبالغ تذكر في شراء اللاعبين المميزين، وهذا غير صحيح تماماً فهذه بعض الصفقات التي توضح عدم صحة ذلك:
الأسباني أنتونيو ريس: ٢٥ مليون يورو 
- الفرنسي سلفان ولتورد: ١٧.٥ مليون يورو 
- الروسي أندرية أرشافين: ١٧ مليون يورو 
- الفرنسي تيري هنري: ١٦ مليون يورو 
- الفرنسي سمير نصري: ١٦ مليون يورو 
- البلاروسي أالكساندر هليب: ١٥ مليون يورو 
الألماني لوكس بودلسكي١٣ مليون يورو 
الهولندي مارك أوفرمارس١٠ مليون يورو (عام ١٩٩٦)!

طبعاً بدون شك آرسن فنجر لا يقوم بشراء لاعبين بمبالغ خيالية مضخمة (من مقولاته الشهيرة: نحن لا نشتري النجوم وإنما نصنعهم) ولكنه في نفس الوقت يصرف بذكاء في سوق شراء اللاعبين (الميركاتو) وبشكل منطقي جداًففي السنتين الأخيرة قام بشراء أكثر من ١٤ لاعب في مختلف المراكز، أهمهم:
جيرفينهو - تشامبرلين - أندريه سانتوس - بير مرتساكر - مايكل أرتيتا - مروان الشماخ - لوران كوسيليني - لوكس بودلسكي - أوليفر جيرود.
المتابع لهذه الأسماء يعلم جيداً أنها ليست أسماء مغمورة وإنما لاعبين معروفين و يقدموا مستويات كبيرة مع أنديتهم وجميعهم تقريباً يلعب دولياً أيضاً مع منتخبات بلادهم.

ولنحكم على أي لاعب يجب متابعه مستواه الحقيقي والتركيز على مقاييس ملموسة مثل: عدد المباريات التي شارك فيها، عدد الأهداف، دقة التمرير، النجاح في افتكاك الكرة، عدد مرات الفوز، الكروت الصفراء والحمراء وغيرها. و أرجوكم دعونا نكون أكثر نضجاً وأن لا نحكم على نجاح أي صفقة بمجرد المبلغ المدفوع. فهناك الكثير من الأندية تبالغ في أسعار لاعبيها لمجرد معرفتهم بأن هناك نادي مثل مانشستر سيتي أو تشلسي مستعد لدفع أي مبلغ بغض النظر عن مستوى اللاعب الفعلي!


# حقيقة تطوير المواهب ثم بيعها للكسب!
لا يخفى على المتابع أن جميع أندية العالم الناجحة تقوم بتدريب العديد من المواهب وتنشأتها والبعض من هذه المواهب يجد طريقة للفريق الأساسي و العديد منها لا يجد طريقة للفريق الأساسي ولكن يجدها في فريق آخر ينتقل إليه.
وهناك فرق شهيرة بأكاديميتها الرياضة مثل الأرسنال و برشلونة و اي سي ميلان، فالإهتمام بالنشأ وتطوير المواهب من الصغر يمثل أحد الأعمدة الرئيسية في رسالة هذه الفرق العريقة.
بكل تأكيد إستمرار هذه الموهبة في الفريق من عدمة يعتمد على ظروف كثيرة جداً بعضها يرجع للنادي وبعضها يرجع للاعب نفسه. وكل حاله لها تفسيرها الخاص فهناك عشرات بل مئات اللاعبين الذين ينضمون ويغادرون أي فريق سنوياً. 

طبعاً آرسن فنجر تعرض لهجوم عنيف الصيف الماضي لبيعه سيسك فابريجاس وسمير نصري ولكن هل هذا الهجوم مبرر؟ دعونا نجاوب على هذا السؤال ولكن يجب أن نتفق قبلها أن بيع اللاعبين في عالم كرة القدم شيء حتمي مثل شراء اللاعبين أيضاً. وكل فرق العالم مهما كبرت تبيع لاعبين مهمين في فريقها إذا تم عرض المبلغ المناسب أو في حالة أنخفض مستوى اللاعب أو في حالة كثرة مشاكلة. هذه بعض الأمثلة لمجرد التوضيح:
-مانشستر يونايتد قام ببيع ديفيد بيكهام أسطورة الفريق وبعدها كرستيانو رونالدو أفضل لاعب في الدوري وقتها وذلك عندما تم دفع المبلغ الذي أرتأه النادي مناسباً.
-برشلونة أيضاً قام ببيع نجم الهجوم الأول سامويل إيتو ومن ثم أيضاً باع زلاتان إبراهيموفيتش لعدم إندماجة مع عقلية المدرب وكثرة مشاكلة.
-ليفربول باع نجمة الأول فيرناندو توريس لنادي تشلسي في صفقة أعتبرها الكثير من المحللين مجنونة!
-تشلسي قام ببيع النجم الهولندي الأنيق روبن عام ٢٠٠٥، أما اليوم فقد باع نجمة الأول ديدي درجوبا لرفضة التجديد لمدة عام واحد فقط وإصرارة على عقد لمدة سنتين!

المتابع لكرة القدم الأوروبية يعلم جيداً أن هذا الأمر طبيعي جداً و يحصل كل موسم خلال فترة الإنتقالات. ولكن الغريب في الأمر هوا إصرار بعد الصحفيين أن هذا الأمر خاص بالأرسنال و أن الأرسنال هو الوحيد الذي يبيع لاعبيه!!!

لتوضيح موضوع بيع سيسك فابريجاس وسمير نصري، إليكم بعض التوضيح:

بالنسبة لفابريجاس: فقد أمضى اللاعب ٨ مواسم مع الفريق وقام بتجديد عقدة خلالها مرتين والنادي بقيادة آرسن فنجر قامو بالتعامل مع اللاعب بكل إحترافية فاللاعب من الناحية المادية يستلم أعلى راتب في الفريق ومن الناحية النفسية تم تسليمه شارة قيادة الفريق في سن مبكر جداً، فلا يوجد أي مأخذ على الفريق ولا يمكن إتهامة بالتقصير مع اللاعب. فالمسألة شخصية بحته واللاعب فضل خوض تجربه جديدة وتحدي جديد مع برشلونة خاصة وأنها مدينته التي ولد بها و والدة و جده كلهم هناك. واللاعب أعتبر قضاء ٨ سنوات خارج الديار مدة كافة. ولتأكيد أن المسألة ليست مادية لفابريجاس فقد تنازل اللاعب أيضاً عن نصيبه في صفقة الإنتقال. وقد حاول آرسن فنجر ثنية عن قراره أكثر من مره ولآخر لحظة في الموسم ولكن كأب روحي للاعب لم يرد إجبارة على البقاء و وافق على بيعه بعد أن رفع برشلونة من قيمة الصفقة مره أخرى.

أما بالنسبة لسمير نصري: فقد تبقى على عقدة عام واحد فقط ولم يرد اللاعب تجديد العقد ولم يرد آرسن فنجر أن يتكرر ماحدث مع اللاعب فلاميني وأن يذهب اللاعب بالمجان الموسم الذي يليه. أثناء ذلك عرض مانشستر سيتي مبلغ يقرب من ٢٥ مليون يورو في اللاعب المتبقي من عقدة سنة واحدة فقط! عرض لم أرى مدرب كرة قدم سبق أن رفض مثله. (عقود اللاعبين عادة تكون مدتها ٤ أو ٥ سنوات، فمجازاً يمكن إعتبار قيمة الصفقة ١٠٠ مليون يورو).

طبعاً في نفس الموسم أرسنال باع "جايل كليتشي" و "إيمانويل أبويه"، ولكن بيعهم لم يلقى صدى يذكر حيث أن جهور الأرسنال ضاق بهم ذرعا الفترة الأخيرة وكان يطالب برحيلهما.

رغم كل ذلك يجب أن أؤكد على أن سياسة البكاء على رحيل أي لاعب لا تجدي وأي لاعب يقرر ترك الأرسنال مهما كبر أسمه فلا مكان له والنادي قادر على تعويضه. الرسالة يجب أن تكون واضحة و أن تصل للجميع "لا يوجد أي لاعب أكبر من النادي". ومتى ما شعر اللاعب أنه أكبر من النادي فعليه الرحيل لأنه وإن بقى فسوف يعطي بتعالي و كأنه يقدم خدمة إضافية للفريق!
يجب أن يكون اللاعبين كمايكل أرتيتا الذي وافق على راتب أقل لمجرد الانضمام لهذا النادي العريق أرسنال، فهو يعلم جيداً حجم الأرسنال ولذلك وجدناه من أول موسم يعطي بحماس ويحاول بشتى الطرق إرضاء المدرب والجماهير وبالفعل أصحب من الركائز المهمة للنادي والذي تأثرنا كثيراً في غيابه عندما أصيب لفترة بسيطة.


# الختام
كما ذكرت في بداية المقال أن المشروع طويل و على الجمهور الصبر فأرسنال مدرسة مستقلة في عالم كرة القدم. الفريق يمشي وفق سياسة واضحة، سياسة نابعة من مباديء الفريق والمعروفة للجميع.
أعلم تماماً مدى غضب الجماهير على ضياع البطولات الموسم تلو الآخر فأنا أيضاً مشجع لهذا النادي العريق وأعاني مثلكم ولكن مايدعونا للتفائل هو تطور الفريق و وجود الأسس الصحيحة للنجاح. كل ما يحتاجة الفريق هو بعض التعديلات البسيطة جداً والتي أتضح أن آرسن فنجر إستمع إليها جيداً، و بوادر الصفقات للموسم الجديد توضح ذلك بشكل جلي.
ولا ننسى أن البطولات تحتاج إلى أشياء خارجة عن إرادتنا أحياناً. فنحن فعلاً نحتاج إلى القليل من الحظ و التوفيق و البعد عن لعنة الإصابات.
فرغم صرف مانشستر سيتي أكثر من 10 مليار ريال في السنوات الأخيرة إلا أنه لم يحقق الدوري إلا في الثواني الأخيرة وبأشبه بالمعجزة و تشلسي رغم كل المبالغ التي صرفها مليارديره الروسي لم يحقق دوري أبطال أوروبا إلا بضربات الترجيح!

كلي أمل في أن أكون قد أوضحت لكم ولو جزء بسيط مما يدور في الأرسنال و أن تكون الصورة قد أصبحت مفهومة لديكم بشكل أفضل. وإن أختلفنا في بعض النقاط ولكن نظل مدفعجية نقف بجانب الفريق في أوقات الحزن قبل الفرح.


أخوكم/ فارس هاني التركي
للتواصل على تويتر @farooi


رابط التقرير في الموقع الرياضي قووول أونلاين: http://www.gooolonline.com/ArticleDetails.aspx?ArticleID=53276&CategoryID=6