الخميس، 23 أغسطس 2012

أرسنال ،، سنوات الضياع أم سنوات البناء؟



في هذا التقرير أود الحديث عن نادي الأرسنال و ذلك لكثرة الاختلاف عليه مؤخراً بسبب سياسته التي لم يعتاد عليها الجهور و بالتأكيد لغيابه عن البطولات في الفترة الأخيرة. وآيضاً بحكم تشجيعي للفريق و لكوني أحد أعضاء AST مجموعة أرسنال الملاك (Arsenal Supports Trust).



من متابعتي لهذا الموضوع لاحظت أن الحديث فيه غالباً ما يفتقر للأرقام والحقائق ويعتمد على العاطفة الجياشة مع بعض المعلومات الغير مكتملة، فأحببت أن أشارك بطرح مفصل مدعوم بالحقائق و الأرقام وبعض المعلومات الغير متداولة في الإعلام بشكل واضح.


الموضوع هنا معقد أكثر لعدة أسباب منها:
1. سياسة ونهج النادي التي تعتمد على أصالة كرة القدم من إهتام بالنشأ و تطويره، إلى جمالية اللعبة وطريقة لعبها، إلى المنافسة على أكبر الألقاب وتحقيقها.
2. طول المشروع وصعوبة الصبر عند الإنسان بشكل عام وعند مشجعي كرة القدم بشكل خاص.
3. عراقة النادي وتمسكه بقيم ومبادئ نادراً ما تجدها في الأندية الأخرى.
4. مدرب الفريق الذي نتكلم عنه هو آرسن فنجر، صانع أمجاد ونهضة أرسنال الحديثة.
5. ندرة المشروع وأهدافه السامية والتي لا تقتصر على الكرة داخل الملعب.
6. تطور الرياضة وكرة القدم في السنوات الأخيرة بشكل كبير وسريع جداً، من جميع النواحي: الاقتصادية والمالية والصحية والاجتماعية والسياسية.

لتسهيل الموضوع سوف أقوم بالحديث عنه في محاور وهذه المحاور هي التي تشكل المعضلة الكبرى للجمهور وهي المسبب الرئيسي لسوء الفهم الحاصل. سأحاول وضع أي تفرعات تحت أحد هذه المحاور الرئيسية.

يجب في البداية توضيح الخطوط العريضة و الأساسية المتمثلة في قيم و سياسة النادي فبدونها سوف يصعب علينا فهم الموضوع أو تفسير كثير من الأحداث والقرارات.

# قيم و سياسة النادي
قيم مجلس الإدارة واضحة ولم تتغير:
1. ضمان استمرار نجاح النادي بنموذج التشغيل الذاتي وهو أضمن لنجاح النادي على المدى الطويل
2.   الدعم و التمويل للنجاح داخل الملعب
3.   إثراء تجربة مشجعي ومحبي النادي

أرسنال مثل أي مؤسسة في العالم لها أهدافها و لها طريقتها الخاصة التي تتميز بها في تحقيق هذه الأهداف.
أهداف أرسنال الرئيسية: تتمثل بكل وضوح في المنافسة على أقوى البطولات وتحقيها و تحقيق عوائد مالية مجزية للمساهمين.
طريقة أرسنال في تحقيق هذه الأهداف: تطوير المواهب والاستثمار في اللاعبين الجدد بذكاء و إيجاد موارد ماليه للنادي تساعده على التشغيل الذاتي.

أرسنال كأي نادي حديث فهو شركة مساهمة تسعى لإرضاء العملاء (الجمهور في هذه الحالة) فهم مصدر الدخل الأساسي بشراء التذاكر ومنتجات النادي و الاشتراك في القنوات الناقلة. وفي نفس الوقت إرضاء الملاك (المساهمين في هذه الحالة) فهم يبحثون عن عوائد مالية مجزية مقابل وضع أموالهم في النادي.
يتضح من هذه المقدمة أن ما يجري في الأرسنال ليس نتاج قرارات ارتجالية أو عناد مدرب و إنما سياسة أصيلة ناتجة عن قيم و مبادئ تعهد بتطبيقها كل فرد من أفراد النادي.



# ملكية النادي
أكبر ملاك أرسنال هو الأمريكي ستان كرونكي والذي يملك 66% من أسهم النادي وتقدر ثروته بحاولي 3.2$ مليار دولار وهو شخصية رياضية من الطراز الأول وله عده أندية أمريكية في جميع الألعاب الجماعية تقريباً وهي:
  • Denver Nuggets والذي يلعب في دوري السلة للمحترفين NBA
  • Colorado Rapids والذي يلعب في الدوري الأمريكي لكرة القدم MLS 
  • Colorado Avalanche والذي يلعب في الدوري الوطني للهوكي NHL 
  • Colorado Mammoth والذي يلعب في الرابطة الوطنية لاكروس NLL 
  • St. Louis Rams والذي يلعب في دوري كرة القدم الأمريكية NFL 
و زوجة كرونكي، السيدة Ann Walton هي ابنة مؤسس سلسلة المحلات التجارية العملاقة Wal-Mart مما يوضح أن العائلة لها باع كبير في الإدارة والقيادة وتعرف طريق النجاح وخوض التحديات الكبيرة.
هذا بالإضافة إلى أن أرسنال يمثل تقريباً نصف ثروته السيد ستان كرونكي فبالتالي هو حريص أكثر من أي شخص على نجاح النادي في كل النواحي والتي من أهمها إرضاء العملاء (الجمهور في التعريف الرياضي) وتحقيق ما يرغبوا فيه وهو البطولات بكل تأكيد.

ولم يستطيع ستان كرونكي شراء حصته في الأرسنال إلى بعد أن تعهد بالسير على نفس نهج و إستراتيجية النادي التي تشكلت خلال مسيرته وتاريخه العريق.
حصل ذلك عندما أشترى 24% من أسهم النادي والذي يمتلكها السيد/ داني فيزمان رئيس النادي السابق والمساهم الأكبر في خطة بناء أشبرتون جروف Ashburton Grove والذي عرف لاحقاً بملعب الإمارات.

وحصل ذلك التعهد أيضاً في أبريل 2011 عندما أشترى 16% من أسهم النادي والتي تملكها ليدي/ نينا براسويل-سميث والتي كانت آخر ممثل لأحفاد مؤسسي أرسنال والذي تأسس عام 1886م.

بالنسبة لثاني مالك للنادي فهو الروسي ألشاير أوسمانوف بنسبة 29% ورغم ذلك فإنه لم يستطع دخول مجلس الإدارة لرفض المجلس توجهه و أفكاره التي صرح بها في العديد من المناسبات.
أوسمانوف يحتل المركز 28 في قائمة أغنياء العالم بثروة تقدر بحوالي 18.1$ مليار دولار جناها من الإستثمار والتعدين وتجارة الخشب. خبرته في مجال الرياضة تكاد تكون معدومة وكل اقتراحاته ورسائله للنادي لم تحتوي على أي أفكار جديدة مفيدة سوى طلباته المتكررة لصرف وإنفاق المزيد من الأموال!
أيضاً هناك نقطة مهمة تدعو للقلق هي كون أكبر شركائه هو الإيراني فرحات مشيري والمشهور بتشجيعه و تعصبه لمانشستر يونايتد.

واضح من خلال المقدمة البسيطة الفرق بين الأمريكي ستان كرونكي و الروسي ألشاير أوسمانوف. فالأول ملتزم بالسياسة والمدرسة التي ينتهجها النادي عبر تاريخه ، أما الثاني فيريد تحويل أرسنال بشكل كامل تماماً وخلق صورة أخرى من نموذج مانشستر سيتي!

لا ننكر أن جماهير مانشستر سيتي سعيدة وحققت الدوري بعد غياب لأكثر من 40 عام وهم قادرين أيضاً على تحقيق بطولة أوروبا ولكن الخطورة عالية جداً في هذا النموذج فالفريق سينهار تماماً في حال قرر صاحب المليارات الانسحاب (وهناك أمثلة عديدة خارجياً ومحلياً على ذلك) فلن يجد النادي من يشتريه ولن يجد النادي مجرد من يدفع رواتب اللاعبين الخرافية. ومن ناحية أخرى هناك خطر الاستبعاد من المشاركة في بطولة أوروبا في حال لم يحقق النادي مداخيل توازي هذه الصرفيات مما يعتبر مخالفه لا مجال للتواري أماهم عند تطبيق قوانين الاتحاد الأوروبي الجديدة والخاصة بالتنافس الشريف وسلامة المداخيل المالية.

* تجد هنا شرح مفصل عن سياسة الاتحاد الأروبي الخاصة بهذا الموضوع والمسماة باللعب المالي العادل:

دعونا الآن ننتقل للحديث عن مدرب النادي الشهير السيد آرسن فنجر.


# هل آرسن فنجر مدرب عادي؟
لكي نحكم على أي مدرب أو أي شخص بالنجاح أو الفشل فلا بد في البداية أن نحدد المقاييس والمعايير التي سوف نحكم عليه من خلالها.
بالنسبة لقياس نجاح أي مدرب في عالم كرة القدم الحديثة، فهناك ٣ معايير رئيسية: ١تحقيق البطولات والألقاب والانجازات والأرقام القياسية ٢. القدرة على تحقيق أرباح مالية للنادي ٣. إكتشاف وتطوير المواهب وحسن إستغلالها.
ماذا حقق آرسن فنجر على صعيد هذه المعايير الثلاثة؟

على صعيد الألقاب والإنجازات:
- حقق لقب الدوري الإنجليزي ٣ مرات
حقق كأس إنجلترا ٤ مرات
حقق الدرع الخيرية ٤ مرات
- أفضل مدرب في الدوري الإنجليزي لمدة ٣ مواسم
- مدرب الشهر في الدوري الانجليزي لمدة ١٢ مره
أفضل مدرب في العالم في العقد الأخير ٢٠٠١-٢٠١٠
- المدرب الوحيد الذي حقق الدوري الإنجليزي بدون أي هزيمة

على صعيد الأرباح والأمور المالية:
١لا يوجد مدرب في العالم حقق مع نادية نجاحات مالية مثل ما حققه آرسن فنجر مع الأرسنال والأهم من ذلك هو مقدرة المدرب في المنافسة على البطولات وتقليل المصاريف لدعم مشروع الملعب الجديد وهو ما حصل بالفعل ببناء ملعب الإمارات والإنتقال إليه عام ٢٠٠٦. خطوة جعلت الأرسنال فعلياً في مصاف الأندية العالمية وقامت بشكل مباشر بمضاعفة دخل النادي حيث أن الطاقة الإستيعابة للمعلب الجديد تمثل تقريباً ضعف ملعب الهايبري. خطوة لم يقدر عليها فريق أكثر عراقة مثل ليفربول أو حتى فريق حديث وغني مثل تشلسي! 

٢- أرسنال اليوم يعتبر مثال يحتذى به من قبل جميع منظمات كرة القدم، لدرجة أن الإتحاد الدولي (FIFA) والإتحاد الأوروبي (UEFA) دائماً ما يضربوا بأرسنال المثل ويطالبون الأندية الأخرى بالإحتداء به من ناحية إحترام أساسيات كرة القدم والتنافش الشريف وسلامة المداخيل المالية.
٣- النادي بقيادة آرسن فنجر وصل لمرحلة التشغيل الذاتي، فالنادي يحقق أرباح عالية جداً وبإستطاعته تسيير أمورة بدون معونات من الملاك أو دعم من أعضاء الشرف. 
٤أرسنال يعتبر اليوم حسب تقييم مؤسسة فوربس المالية ثالث أغنى نادي في العالم بقيمة ١.٢ مليار دولار، متجاوزاً فرق عريقة كبرشلونة الأسباني و بايرن ميونخ الألماني و اي سي ميلان الإيطالي!

على صعيد إكتشاف المواهب وتطويرها:
لن أطيل في هذه النقطة فأنا لم أجد أثنين قد أختلفوا على أن آرسن فنجر هو أفضل مدرب في العالم في إكتشاف المواهب وصناعة النجوم. المجال يضيق ولكن مواهب كروية كثيرة أنشهرت مع آرسن فنجر لم يكن أحد يعلم عنها من قبل أن يحتضنها وينميها ويعطيها الفرصة، وهي ليست من محض الصدفة في لاعب أو لاعبين بل هي قائمة طويلة وكل موسم جديد يبهر العالم ويسعد عشاق الكرة بمواهب تضيف للعبة كرة القدم الكثير. ليس مشجعي أرسنال فقط و إنما كل مشجع محب لكرة القدم إستمتع بتييري هنري، و باترك فييرا، و نيكولاس أنيلكا، و إمانويل بيتيت، و مارك أوفرمارس، و فريدرك لومبيرج، و نوانكو كانو، و سلفينيو، و روبيرت بيريز، و سيلفان ولتورد، و سول كامبل، و جلبيرتو سيلفا، و جينز ليمان، و سيسك فابريجاس. 
لم يقف آرسن فنجر عند صناعة هذا الجيل وإنما في المواسم الأخيرة رأينا البلجيكي فيرمالين و الفرنسيان كوشيليني وسانيا و الانجليزيان تشمبرلين و والكوت و الكاميروني سونج و الحارس البولندي شيزني و الطاحونة الهولندية فان بيرسي.
ليس هذا فقط وإنما الجميع ينتظر أن يتم تصعيد الموهوب الياباني ريوي مياتشي والكوستاريكي جويل كامبل للفريق الأول!
بحق مدرب أضاف لمتعة كرة القدم الشي الكثير.

بعد سرد إنجازات آرسن فنجر على جميع الأصعدة، أترك لك عزيزي القاريء الحكم عليه وهل يعتبر أسطورة تدريبية أم لا؟


#  ٧ سنين عجاف!
الكثير ينتقد على أرسنال ومدربة الغياب عن البطولات لمدة ٧ سنوات كاملة، وهذا من حق أي مشجع فالبطولات من أهم الأشياء في عالم كرة القدم، فالبطولات هي مايسعد الجماهير ويفرحها، ولكن …
ولكن دعونا نناقش المسألة من ناحيتينالأولىماهو وضع الفريق خلال هذه السنوات السبع؟ هل أبتعد تماماً وهبط لمصاف أندية الوسط والمؤخرة؟ أم مازال ينافس وتطور بشكل ملموس؟
الناحية الثانيةهل الغياب ٧ سنوات يعتبر مدة طويلة في عالم كرة القدم؟

خلال هذه السنوات السبع نافس أرسنال وبقوة على صعيد جميع البطولات تقريباً و وصل إلى نهائيين. 
هذه تافصيل المراكز الجيدة والتي حققها أرسنال خلال هذه المدة:

الدوريالمركز الثاني مره واحده، المركز الثالث ٣ مرات، المركز الرابع ٣ مرات.
كأس إنجلترا: نصف النهائي مره واحده، وربع النهائي مره واحده.
بطولة الأندية المحترفة (الكارلنج كب): النهائي مرتين عام ٢٠٠٧ و عام ٢٠١٠.
بطولة أبطال أوروبا: النهائي عام ٢٠٠٦، نصف النهائي مره واحده، ربع النهائي مرتين

أما بالنسبة للغياب لمدة ٧ سنوات فهو أمر طبيعي في كرة القدم وبناء الفريق بشكل سليم يستغرق أكثر من هذه الفترة في بعض الحالات.
فكمثال على لذلك: غاب برشلونة عن البطولات لمدة ٦ سنوات (١٩٩٩-٢٠٠٥) قبل أن يكتسح عالم كرة القدم من جديد و بدون رحمة. 
وكذلك غاب مانشستر يونايتد عن البطولات لمدة تزد عن ٣٧ عام (١٩١١-١٩٤٨) في واحده من أكبر الغيابات في عالم كرة القدم!


# سياسة شراء اللعبين
إذا كنت لا تتابع إلا الصحف اليومية فبالتأكيد أن نظرتك لأرسنال وآرسن فنجر هي أنهم لا يقومون بشراء اللاعبين وأن هذا النادي لا يصرف أي مبالغ تذكر في شراء اللاعبين المميزين، وهذا غير صحيح تماماً فهذه بعض الصفقات التي توضح عدم صحة ذلك:
الأسباني أنتونيو ريس: ٢٥ مليون يورو 
- الفرنسي سلفان ولتورد: ١٧.٥ مليون يورو 
- الروسي أندرية أرشافين: ١٧ مليون يورو 
- الفرنسي تيري هنري: ١٦ مليون يورو 
- الفرنسي سمير نصري: ١٦ مليون يورو 
- البلاروسي أالكساندر هليب: ١٥ مليون يورو 
الألماني لوكس بودلسكي١٣ مليون يورو 
الهولندي مارك أوفرمارس١٠ مليون يورو (عام ١٩٩٦)!

طبعاً بدون شك آرسن فنجر لا يقوم بشراء لاعبين بمبالغ خيالية مضخمة (من مقولاته الشهيرة: نحن لا نشتري النجوم وإنما نصنعهم) ولكنه في نفس الوقت يصرف بذكاء في سوق شراء اللاعبين (الميركاتو) وبشكل منطقي جداًففي السنتين الأخيرة قام بشراء أكثر من ١٤ لاعب في مختلف المراكز، أهمهم:
جيرفينهو - تشامبرلين - أندريه سانتوس - بير مرتساكر - مايكل أرتيتا - مروان الشماخ - لوران كوسيليني - لوكس بودلسكي - أوليفر جيرود.
المتابع لهذه الأسماء يعلم جيداً أنها ليست أسماء مغمورة وإنما لاعبين معروفين و يقدموا مستويات كبيرة مع أنديتهم وجميعهم تقريباً يلعب دولياً أيضاً مع منتخبات بلادهم.

ولنحكم على أي لاعب يجب متابعه مستواه الحقيقي والتركيز على مقاييس ملموسة مثل: عدد المباريات التي شارك فيها، عدد الأهداف، دقة التمرير، النجاح في افتكاك الكرة، عدد مرات الفوز، الكروت الصفراء والحمراء وغيرها. و أرجوكم دعونا نكون أكثر نضجاً وأن لا نحكم على نجاح أي صفقة بمجرد المبلغ المدفوع. فهناك الكثير من الأندية تبالغ في أسعار لاعبيها لمجرد معرفتهم بأن هناك نادي مثل مانشستر سيتي أو تشلسي مستعد لدفع أي مبلغ بغض النظر عن مستوى اللاعب الفعلي!


# حقيقة تطوير المواهب ثم بيعها للكسب!
لا يخفى على المتابع أن جميع أندية العالم الناجحة تقوم بتدريب العديد من المواهب وتنشأتها والبعض من هذه المواهب يجد طريقة للفريق الأساسي و العديد منها لا يجد طريقة للفريق الأساسي ولكن يجدها في فريق آخر ينتقل إليه.
وهناك فرق شهيرة بأكاديميتها الرياضة مثل الأرسنال و برشلونة و اي سي ميلان، فالإهتمام بالنشأ وتطوير المواهب من الصغر يمثل أحد الأعمدة الرئيسية في رسالة هذه الفرق العريقة.
بكل تأكيد إستمرار هذه الموهبة في الفريق من عدمة يعتمد على ظروف كثيرة جداً بعضها يرجع للنادي وبعضها يرجع للاعب نفسه. وكل حاله لها تفسيرها الخاص فهناك عشرات بل مئات اللاعبين الذين ينضمون ويغادرون أي فريق سنوياً. 

طبعاً آرسن فنجر تعرض لهجوم عنيف الصيف الماضي لبيعه سيسك فابريجاس وسمير نصري ولكن هل هذا الهجوم مبرر؟ دعونا نجاوب على هذا السؤال ولكن يجب أن نتفق قبلها أن بيع اللاعبين في عالم كرة القدم شيء حتمي مثل شراء اللاعبين أيضاً. وكل فرق العالم مهما كبرت تبيع لاعبين مهمين في فريقها إذا تم عرض المبلغ المناسب أو في حالة أنخفض مستوى اللاعب أو في حالة كثرة مشاكلة. هذه بعض الأمثلة لمجرد التوضيح:
-مانشستر يونايتد قام ببيع ديفيد بيكهام أسطورة الفريق وبعدها كرستيانو رونالدو أفضل لاعب في الدوري وقتها وذلك عندما تم دفع المبلغ الذي أرتأه النادي مناسباً.
-برشلونة أيضاً قام ببيع نجم الهجوم الأول سامويل إيتو ومن ثم أيضاً باع زلاتان إبراهيموفيتش لعدم إندماجة مع عقلية المدرب وكثرة مشاكلة.
-ليفربول باع نجمة الأول فيرناندو توريس لنادي تشلسي في صفقة أعتبرها الكثير من المحللين مجنونة!
-تشلسي قام ببيع النجم الهولندي الأنيق روبن عام ٢٠٠٥، أما اليوم فقد باع نجمة الأول ديدي درجوبا لرفضة التجديد لمدة عام واحد فقط وإصرارة على عقد لمدة سنتين!

المتابع لكرة القدم الأوروبية يعلم جيداً أن هذا الأمر طبيعي جداً و يحصل كل موسم خلال فترة الإنتقالات. ولكن الغريب في الأمر هوا إصرار بعد الصحفيين أن هذا الأمر خاص بالأرسنال و أن الأرسنال هو الوحيد الذي يبيع لاعبيه!!!

لتوضيح موضوع بيع سيسك فابريجاس وسمير نصري، إليكم بعض التوضيح:

بالنسبة لفابريجاس: فقد أمضى اللاعب ٨ مواسم مع الفريق وقام بتجديد عقدة خلالها مرتين والنادي بقيادة آرسن فنجر قامو بالتعامل مع اللاعب بكل إحترافية فاللاعب من الناحية المادية يستلم أعلى راتب في الفريق ومن الناحية النفسية تم تسليمه شارة قيادة الفريق في سن مبكر جداً، فلا يوجد أي مأخذ على الفريق ولا يمكن إتهامة بالتقصير مع اللاعب. فالمسألة شخصية بحته واللاعب فضل خوض تجربه جديدة وتحدي جديد مع برشلونة خاصة وأنها مدينته التي ولد بها و والدة و جده كلهم هناك. واللاعب أعتبر قضاء ٨ سنوات خارج الديار مدة كافة. ولتأكيد أن المسألة ليست مادية لفابريجاس فقد تنازل اللاعب أيضاً عن نصيبه في صفقة الإنتقال. وقد حاول آرسن فنجر ثنية عن قراره أكثر من مره ولآخر لحظة في الموسم ولكن كأب روحي للاعب لم يرد إجبارة على البقاء و وافق على بيعه بعد أن رفع برشلونة من قيمة الصفقة مره أخرى.

أما بالنسبة لسمير نصري: فقد تبقى على عقدة عام واحد فقط ولم يرد اللاعب تجديد العقد ولم يرد آرسن فنجر أن يتكرر ماحدث مع اللاعب فلاميني وأن يذهب اللاعب بالمجان الموسم الذي يليه. أثناء ذلك عرض مانشستر سيتي مبلغ يقرب من ٢٥ مليون يورو في اللاعب المتبقي من عقدة سنة واحدة فقط! عرض لم أرى مدرب كرة قدم سبق أن رفض مثله. (عقود اللاعبين عادة تكون مدتها ٤ أو ٥ سنوات، فمجازاً يمكن إعتبار قيمة الصفقة ١٠٠ مليون يورو).

طبعاً في نفس الموسم أرسنال باع "جايل كليتشي" و "إيمانويل أبويه"، ولكن بيعهم لم يلقى صدى يذكر حيث أن جهور الأرسنال ضاق بهم ذرعا الفترة الأخيرة وكان يطالب برحيلهما.

رغم كل ذلك يجب أن أؤكد على أن سياسة البكاء على رحيل أي لاعب لا تجدي وأي لاعب يقرر ترك الأرسنال مهما كبر أسمه فلا مكان له والنادي قادر على تعويضه. الرسالة يجب أن تكون واضحة و أن تصل للجميع "لا يوجد أي لاعب أكبر من النادي". ومتى ما شعر اللاعب أنه أكبر من النادي فعليه الرحيل لأنه وإن بقى فسوف يعطي بتعالي و كأنه يقدم خدمة إضافية للفريق!
يجب أن يكون اللاعبين كمايكل أرتيتا الذي وافق على راتب أقل لمجرد الانضمام لهذا النادي العريق أرسنال، فهو يعلم جيداً حجم الأرسنال ولذلك وجدناه من أول موسم يعطي بحماس ويحاول بشتى الطرق إرضاء المدرب والجماهير وبالفعل أصحب من الركائز المهمة للنادي والذي تأثرنا كثيراً في غيابه عندما أصيب لفترة بسيطة.


# الختام
كما ذكرت في بداية المقال أن المشروع طويل و على الجمهور الصبر فأرسنال مدرسة مستقلة في عالم كرة القدم. الفريق يمشي وفق سياسة واضحة، سياسة نابعة من مباديء الفريق والمعروفة للجميع.
أعلم تماماً مدى غضب الجماهير على ضياع البطولات الموسم تلو الآخر فأنا أيضاً مشجع لهذا النادي العريق وأعاني مثلكم ولكن مايدعونا للتفائل هو تطور الفريق و وجود الأسس الصحيحة للنجاح. كل ما يحتاجة الفريق هو بعض التعديلات البسيطة جداً والتي أتضح أن آرسن فنجر إستمع إليها جيداً، و بوادر الصفقات للموسم الجديد توضح ذلك بشكل جلي.
ولا ننسى أن البطولات تحتاج إلى أشياء خارجة عن إرادتنا أحياناً. فنحن فعلاً نحتاج إلى القليل من الحظ و التوفيق و البعد عن لعنة الإصابات.
فرغم صرف مانشستر سيتي أكثر من 10 مليار ريال في السنوات الأخيرة إلا أنه لم يحقق الدوري إلا في الثواني الأخيرة وبأشبه بالمعجزة و تشلسي رغم كل المبالغ التي صرفها مليارديره الروسي لم يحقق دوري أبطال أوروبا إلا بضربات الترجيح!

كلي أمل في أن أكون قد أوضحت لكم ولو جزء بسيط مما يدور في الأرسنال و أن تكون الصورة قد أصبحت مفهومة لديكم بشكل أفضل. وإن أختلفنا في بعض النقاط ولكن نظل مدفعجية نقف بجانب الفريق في أوقات الحزن قبل الفرح.


أخوكم/ فارس هاني التركي
للتواصل على تويتر @farooi


رابط التقرير في الموقع الرياضي قووول أونلاين: http://www.gooolonline.com/ArticleDetails.aspx?ArticleID=53276&CategoryID=6


هناك 3 تعليقات:

  1. يعطيك العافيه..
    انا من وجهة نظري انه ارسنال قدر يتغلب على اقوى الضروف اصابات وتحكيم وايقافات وعدم وجود الخبره الكافيه
    الا انه يقدم مستويات جديره بالاحترام

    ردحذف
  2. في البداية شكراً فارس من القلب ، وأنا سعيد جداً بأني أشوف طريقة وسياسه أرسنال تنشر وتوضح للعامة ، لأننا بل صراحة ملينا من كثرة الآراء السطحيه وغير المتعمقة والمبنية على أفتراضات صحيحه إتجاه نادي أرسنال من غير عشاقة ،
    أكتبلك وأنا شخصياً - وبلا فخر - أعلم جميع ما كتبت تمام المعرفة ، بل أني من أوائل من تحدث عنها - من عام ٢٠٠٦ او حتى قبل - ودافع عنها وشرحها ووضحها مع الوف أخرى من الأرسنالية في عالم المنتديات ، ويوجد لدي عدة نقاط سأفرزها و أود أن أتحدث عنها وأضيفها ولنسمع أرائك حولها ، كما وسبق وأن تحادثنا في التويتر ، مع أمور أخرى أظهرتها بطريقه إجمالية بعيده عن العمق والتي تبدو مضادة في بعض الحالات ؛ المهم ..

    طريقة وأهداف - بل السياسه أيضاً - للنادي على المدى البعيد هي ممتازه وراقية جداً وحافظت على تاريخ النادي وساهمت في التطوير للدرجه والمكانة اللي نشوف فيها أرسنال اليوم على سبيل القيمة السوقية ، والجميع يعرف جيداً أن هذا تم بعد أن بدأ مجلس الإدارة بقيادة ديفيد دين- حينها - عام ٢٠٠٣ تقريباً سياسة شد الحزام كما يطلق عليها - أيضاً معروفة بشد الحزام والإكتفاء الذاتي - بتقييد ووضح بعض القيود أبرزها سق الرواتب ، إضافة لتطوير المواهب والإستثمار فيهم لتوفير بعض الأموال والفرص للتمويل ،
    وهذه السياسه ، كما يعلم الجميع ، بأنها نجحت في ضخ السيولة الملائمه وتجنيب النادي خطر الأفلاس ، ومن ثم جاءت فكرة بيع أسم الملعب وأطقمه لإحدى الشركات الكبرى - وهو ما تم لصالح طيران الإمارات - لينجح المشروع في الإكتمال والإنتقال له في ظل رأينا أندية كثيره تسقط وتفلس وبل تقفل في بعض الأحيان !! ..

    لكن المسأله برمتها بعد الخروج من الأزمه ووصول النادي لبر الأمان تقريباً من عام ٢٠٠٩، تحول الى ضبابية وعدم وضوح ، النتيجه كما هي نشوف ثبات في المكانة والقوة وليس المضيء قدما بالنادي لمراحل متقدمه لتحقيق البطولات ، فأصبح التركيز على التوسع في الإستثمار من مشروع الى أخر بمجرد ما ينتهي السابق ، وأيضاً التركيز على تطوير المواهب وبيعها بعد أن تصبح نجوم حقيقيه تطاردها كبار الأندية ،
    لدرجه أصبح في كل موسم يخرج أبرز أعمدته ولاعبيه ، والرضا بمركز مؤهل للأبطال والتغني به من الإدارة واللاعبين والجماهير ، هو أمر يتكرر أخر خمس سنوات بلا تغيير ولا تطوير ولا حتى تطور ملحوظ ..

    الإستثمار بالمشاريع الجديدة أولى منها هو فك خناق نظام ( شد الحزام المتبع ) ، بكسر حاجز الرواتب عن ٩٥ الف اسبوعيا - او حوله - وإغراء اللاعبين بالبقاء بالتحسينات فيها وفي المحفزات والعوائد السنوية وعند تحقيق البطولات ، وجلب لاعبين ذوي خبره - ليسوا نجوماً انما خبرة - لتدعيم المواهب والمساعدة في تطويرها لخلق فريق متكامل يستطيع أن يقهر أي كان ، إضافة لإيقاف السياسة التي حرمتنا من كثير من اللاعبين ، الا وهي التوقيع سنه واحده او اثنتين لمن تعدى الثلاثين من العمر او قاربه ، هذي السياسة عصفت وأثرت بأرسنال كثير وخرج كثير من اللاعبين على أثرها ، أكثر من ٩ لاعبين خرجوا بسببها من وقت تطبيقها عام ٢٠٠٣ تقريباً !!! ..

    بأختصار ، إيقاف التوسع الإسثتماري في العقار وغيره ، وتحويله وصبة لتعزيز المواهب وإكمال جوانب النقص في الفريق فنياً ، وكسر حواجز وسياسات العقود في الرواتب وعدد السنين ، سينتج عنه فريق ونادي متكامل واحد الهدف والتركيز لتحقيق البطولات ،
    فأرباح تحقيق البطولات لوحدها كافيه لإنعاش النادي مادياً - غير تاريخياً وإسعاد الجماهير - وحينها المبالغ المادية المتحصله لتحقيق البطولات إضافة لعوائد الدخل من الجماهير والإعلانات والنقل سترتفع ، وسيزيد إقبالهم للحصول على حقوق النقل والتذاكر ، وكافية جداً لتغطيه الديون وتسجيل أرباح ! ..

    إنما رؤية إستمرار التوسع في الإستثمار حول النادي ، وتركيز المدرب على المواهب وتطويرها ومن ثم بيعها عند البروز والوصول للذروة ، وخروج أفضل اللاعبين تباعاً سنه ورا أخرى ، في ظل عدم تحقيق بطولات ولا حتى المنافسة عليها ، هو أشبه وأقرب الى كونها تجارة محظه وربحية أكثر من شيء أخر ، مهما بدء أسباب كل منها للمتابع او المتعمق ،
    قد تكون هنا - أنت الارسنالي - لا تستطيع أن تلوم اللاعبين لخروجهم أكثر من الإدارة التي نرى تبعية عمياء مطلقة خلفها ..

    ردحذف
  3. منبع الإختلاف ومركزه هو الأهداف الحالية والمرجوة والمحددة ، الواضح جداً إنها صوب مجرد الحصول على مركز مؤهل للأبطال ، لأننا نعلم إن الوجود فيها يعني مداخيل كبيرة ستتحقق وتجربة كبيرة وعظيمة لتحسين المواهب والأهم إنها مكممة لأفواه الجماهير !! ، حين نرى إن اللاعبين يباعون لخصوم مباشرين إضافة لتغيير في التصريحات مع مرور السنين من ( سأحاول أن أحقق الدوري بدون خسارة !! ) الى وللأسف الشديد ( ١٢ سنه لم نتغيب عن التشامبيونز ليغ !! ) والتغني فيها من جميع طاقم إداري أرسنال !! ..

    مرة أخرى ، واضح جداً بإننا نستطيع أن نرتفع خطوة أخرى بطريقتنا الخاصة لمواكبة تقدم الخصوم من حولنا ، مجرد تركيز الحصول على مركز مؤهل للأبطال هو قاتل لإمكانياتنا وأمانينا وطموحنا .. و رؤية نجومنا يغادرون واحداً تلو الآخر - ولو إنه إحترافي - هو شيء مؤلم وقاتل ويدل على أشياء غير صحيه تدور في النادي ..

    وإجمالاً أراها شخصياً ، هي مخجله وسييئه لما تم بناءه من سمعة وقوة وتاريخ من بطولات وقفزات إسثتمارية هائله ! ..


    هذا مع كامل إيماني بإن المستقبل مشرق وجميعنا نتطلع له وبل متأكدين نجاحنا فيه أن شاء الله ، الإشكالية والمشكله كلها في طول فترة وقوفنا في هذه المرحله الوسيطه ، ليست بناء ولا تحقيق بطولات ! ..

    بالرغم من أني أستطيع أن أتحدث من اليوم لبكره عن نقاط أكثر وأكثر ، الا أني أفضل أن أتوقف حالياً هنا لأني للتو فقط وصلت لمدينتي بعد يومين سفر .. شكراً فارس مرة أخرى.


    GuNnEr4EvEr
    @AbdullahAiyed

    ردحذف